قصة إكسبو 2020 دبي

إذا كان السفر أفضل معلّم في الحياة، فإن إكسبو 2020 هو الوجهة المثالية للتعلّم. ما عليكم سوى أن تتخيلوا بمن ستلتقون وما هي الأشياء التي ستحظون بتجربتها عند استكشاف العالم كله في مكان واحد. سيستضيف إكسبو أكثر من 192 دولة، وهو رقم قياسي، إذ لم يسبق أن استضافت نسخة من الحدث الدولي على مدار تاريخه هذا العدد الضخم من الدول وجمعت هذا الكم الهائل من الثقافات، للعمل معا في سبيل تحقيق الكثير من الخير للكثير من الناس. إنها تجربة فريدة، ومشهد يلهم جميع حواسكم، وفرصة لنا جميعا لنجتمع اليوم ونعيد تصور عالم الغد.

"التفكير المترابط هو أفضل السبل للتقدم والتعايش السلمي الناجح وسط الأجيال المقبلة." هذه الكلمات الحكيمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تجلّت صحتها في الشراكات التي أبرمناها. نسعى إلى بناء مستقبل أفضل للجميع مع إحداث تأثير حقيقي يحوّل أحلامنا إلى واقع بالتعاون مع شركائنا وجميع المشاركين في إكسبو 2020.

لم تكن هذه الأرض تضم شيئا من قبل سوى الرمال وشجرة غاف واحدة. وما كنتم تعتقدون أنه سراب، ما هي إلا أشهر قليلة وبدأ عالم بأكمله بالبروز وسط الصحراء. كل ما شُيِدَ في الموقع الذي تبلغ مساحته 4.38 كيلومتر مربع، قد بُنِيَ بطريقة مدروسة ولهدف مستقبلي. ولكن لم يكن إكسبو 2020 دبي فقط الذي بدأ بالظهور، وإنما هناك أيضا فنادق، وطرق سريعة، وشوارع، وامتداد جديد لخط المترو، بالتوازي مع استعداد دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة للترحيب بالعالم.

فليبدأ العد التنازلي! ساد الترقبُ الأجواء في الإمارات السبع كلها، من العين إلى الفجيرة، وتوجّهت أنظار الإماراتيين بلهفة آنذاك إلى الدقائق الأخيرة التي حملت لهم البشرى التي كانوا يتوقون إليها. وقُبيل عام واحد من موعد انطلاق إكسبو الذي كان مقررا في 20 أكتوبر 2020، أُقيمَت احتفالية لم يشهد لها العالم مثيلا من قبل، تزيّنت افتتاحيتها بأداء ساحر للنجمة العالمية ماريا كاري والفنان الإماراتي المحبوب حسين الجسمي، إضافة إلى عدّة عروض من قامات فنية محلية وأنشطة ترفيهية لكل أفراد العائلة.

عدوّ لا يُرى بالعين المجردة أخضع العالم بأسره على حين غرة في مشهد كان أشبه بقصة من قصص الخيال العلمي. لم يبدُ الأمر حقيقيا في البداية ومررنا جميعا بحالة من الإنكار؛ ليثبت كوفيد-19 وجوده ويملأ قلوبنا ذعرا ويذيقنا مرارة الفقد. ولكنه أظهر لنا في الوقت نفسه جمال البشرية، حيث سيكون هناك دائما الطيبة والنور وسط الفوضى. لقد أجّلنا موعد افتتاح إكسبو 2020 لمدة عام واحد، إلّا أن هدفنا المتمثل في "تواصل العقول، وصنع المستقبل" أضحى صداه يتردد بقوة أكبر مع استجماع العالم لقواه من جديد.

سيكون إكسبو تجربة فريدة تجمع العالم معا من جديد، ولا يسعنا الانتظار للترحيب بكم عندما يشرّع إكسبو الدولي أبوابه في الأول من أكتوبر 2021. وفي بيئة آمنة سيوفر إكسبو منصة للتعاون العالمي الذي نحن بأمس الحاجة إليه الآن - وهي فرصة لالتقاء البشرية بروح التفاؤل والأمل والهدف المشترك في تبادل الأفكار ووجهات النظر الجديدة والملهمة، مع التركيز على موضوعاتنا الفرعية الثلاثة: الفرص، والتنقل، والاستدامة. بالتزامن مع الذكرى الخمسين لتأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2021، نأمل في إطلاق ابتكارات من شأنها أن تكون ركيزة لانطلاقة 50 عاما أخرى من التقدم الهادف، والمساهمة في ازدهار الدولة المستمر، وتمكين النمو في المنطقة والعالم.